داود رمال - السفير:
كثيرة هي الاسئلة التي تطرح حول الوضع داخل المخيمات الفلسطينية، في ضوء ما يشهده مخيم عين الحلوة من محاولات لتكريس امر واقع، شبيه بما شهده مخيم نهر البارد يوم اصبح تحت رحمة تنظيم «فتح الاسلام» الارهابي، وتحول منطلقا للاعتداء الارهابي على الشرعية اللبنانية عبر استهداف الجيش اللبناني والقوى الامنية، مما استدعى اتخاذ القرار بالحسم العسكري في حينه.
الامر نفسه يحصل راهنا في عين الحلوة بحيث «تحاول مجموعات اصولية الهيمنة على ما يسمى بالطوارئ داخل المخيم للانطلاق في عملية فرض امر واقع ميداني بدعم مالي ولوجستي من دول خارجية، بحيث يتحول المخيم الى مأوى لكل الجماعات المتطرفة، والتي توظف لأجندات ترتبط بما يجري في المحيط العربي، اذ رصد دخول اشخاص من جنسيات خليجية الى الطوارئ تهدف الى تخريب الاستقرار في الجنوب عبر عمليات مشبوهة ضد «اليونيفيل» او عبر اطلاق الصواريخ» على حد تعبير مرجع لبناني معني بهذا الملف السياسي ـ الأمني..
وتكمن الخطورة المضاعفة في مقاربة وضع مخيم عين الحلوة انه «يقع في مدينة صيدا التي تعتبر بوابة الجنوب والعمق الاستراتيجي للمقاومة، وأي محاولة للعبث بالأمن والاستقرار لها مفاعيل في اكثر من اتجاه». الامر الذي يدفع المرجع معني الى القول «ان وضع المخيمات وتحديدا عين الحلوة صعب، في ظل وجود جماعات مسلحة تتصرف من منطلقات شخصية ومصلحية غير عابئة بالنتائج، وتطمح الى لعب ادوار مزدوجة وهي معروفة بعدم مصداقيتها، وكلما شعرت هذه الجماعات بالراحة تبدأ بفعل الاذية ولا ينفع معها الا اشعارها بأنها في دائرة المتابعة وإبقاؤها في حال من القلق».
ويقول المرجع «ان الاسلاميين داخل عين الحلوة، لا يناسبهم توحيد المرجعية الامنية، لا سيما تشكيل شرطة موحدة تضطلع بمهام حفظ الامن والنظام، ويعتبرون ان ذلك سيطالهم، ويعمدون الى سفك الدماء على قاعدة نحن هنا وليس بالإمكان تجاوزنا وإلزامنا بما تتخذه منظمة التحرير الفلسطينية من قرارات وإجراءات، والمفارقة في الامر ان حركة «حماس» ما زالت صامتة، علما انه لا الجنوب ولا عين الحلوة يتحملان اي فلتان امني».
الاستفهام عن صمت «حماس» يرده المرجع اللبناني المعني الى «تطورات ايجابية شهدها الوضع الفلسطيني مؤخرا وعوّل عليه في عملية وضع إطار لضبط الوضع في المخيمات، وصرف الوقت والمجهود الكبيرين من قبل القيادات اللبنانية، في سبيل المساعدة على بلورة اطار جامع يوحد المرجعية السياسية والامنية داخل المخيمات، تبعد عنها شبح التحول الى بؤرة للإرهاب والعبث بأمن اللاجئين الفلسطينيين والمواطنين اللبنانيين على حدّ سواء، لذلك فإن الوضع داخل المخيمات كان يربط دائما بالمصالحة الفلسطينية الفلسطينية وتحديدا بين حركتي فتح وحماس، وبعد تحقيق المصالحة الكبرى بينهما فإن المسؤولية المباشرة تقع على هاتين القوتين الرئيسيتين وليس على طرف بعينه من دون الآخر».
«إذاً المطلوب إزالة القفازات عن الوجوه ومصارحة الرأي العام الفلسطيني واللبناني»، ويضيف المرجع متوجها إلى «حماس» على وجه التحديد بالقول: «أين أنت يا حركة «حماس» من كل ما يجري داخل المخيمات وبالخصوص عين الحلوة، وما هو موقف «حماس» مما يحصل من عمل خطير ضد فتح الشريك في المصالحة الكبرى التي أنجزت، ولاقت الترحيب والدعم من كل الذين يريدون الخير للشعب الفلسطيني ويعملون لتحقيق حلم العودة بكل الوسائل»؟
ويسجل المرجع تراجعا غير مبرر لدور حركة «حماس» في الصراع الخطير الدائر في مخيم عين الحلوة على وجه التحديد بين «فتح» والإسلاميين، علما انه ليس خفيا على احد وجود «مونة حمساوية» على هؤلاء، فهل «حماس» التي تعمل بالتنسيق مع فتح على ترتيب الوضع الأمني داخل المخيمات استبعدت هذه القوى الاسلامية، وبالتالي لجأت هذه القوى الى الرسائل الامنية الدموية للقول انها موجودة وجزء من اي مشروع لترتيب الوضع داخل المخيمات، وإن البديل لاستبعادنا هو جرّ المخيمات الى فتنة كبيرة؟».
واعتبر المرجع «ان اغتيال مرافقين لقائد الكفاح المسلح الفلسطيني محمود عيسى الملقب بـ«اللينو»، وخلال فترة زمنية وجيزة، هدف الى استدراجه امنيا، فقد حاولوا في المرة الاولى ولم ينجرّ «اللينو» الى الفخ المنصوب له، فعمدوا الى تنفيذ الاغتيال الثاني ولم ينجرّ ايضا، وهذا التصرف المسؤول تمت مواكبته من قيادات امنية لبنانية سجلت لهذا المسؤول الفلسطيني مدى تعاليه على الجرح وتفاعله الايجابي مع السلطات اللبنانية، في حين غابت جهات فلسطينية اخرى عن الصورة والسمع».
ويستغرب المرجع «موقف حركة «حماس» غير المبالي بما يجري في عين الحلوة، علما انها معنية مباشرة بذلك، ان لجهة التزاماتها الفلسطينية ـ الفلسطينية، او لجهة تحالفاتها مع الاطار المقاوم الاوسع، مما يوجب عليها عدم التقاعس عن القيام بواجباتها في حماية الامن والاستقرار لتركيز الجهد في مواجهة الاستهدافات الاسرائيلية الخطيرة والمتواصلة، فأين حركة حماس وأين المصالحة الكبرى مع حركة فتح حيال ما يجري على صعيد الامن وتشكل مجموعات تخريب وإجرام داخل مخيم عين الحلوة؟».