محمد صالح - السفير - صيدا:
أثار قرار حركة «فتح» دمج الوحدات والتشكيلات العسكرية التابعة لها في اطار ما يُسمّى بـ«الشرطة المدنية والاجتماعية» وصولاً الى تشكيل «تنظيم فتح»، جدلاً واسعاً في اوساطها، في ظل استمرار النقاش في مخيم عين الحلوة حول خلفيات وتداعيات هذا القرار، حيث بدا واضحاً أن هناك من يؤيده بحماسة وهناك من يهاجمه بحماسة أكبر.
وفيما يحذر مسؤول فلسطيني من ان يكون موضوع «تنظيم السلاح» و«الدمج» مقدمة لتصفية «فتح» كفصيل ثوري ارتبط اسمه بتاريخ النضال الفلسطيني منذ ستينيات القرن الماضي، يذهب مسؤول فلسطيني آخر الى القول إن أسوأ ما في الأمر، أن بعض من تتناقض مصالحهم مع ترتيب أوضاع المخيمات، باتوا يعبرون عن حقيقة مواقف الفصائل الاسلامية، تحت راية «فتح»، وتسأل من هو صاحب المصلحة في صعود «القوى الاسلامية» و«عصبة الانصار» وصولاً الى «انتشار» حركة «حماس» في المخيمات، فضلا عما يتم تداوله من تواجد او شبه تواجد لـ«فتح الاسلام» ومعها «جند الشام».
ويقول مسؤول فلسطيني ثالث إنه علينا التعاطي بواقعية مع الأمر رافضا التوظيف السياسي للمشروع «فما يحصل اليوم هو اعادة لترتيب اوضاع المخيم من خلال «الشرطة المدنية الاجتماعية»، أما القول إن كل الجسم العسكري الاساسي لـ«فتح» في مخيمات لبنان سيصبح جهاز شرطة كما هو الحال في الداخل في اراضي السلطة الفلسطينية فهو قول ليس في محله، فالأمر هنا مختلف تماماً وثمة حاجة للتنسيق الدائم مع الجيش اللبناني ومع بقية الفصائل والقوى والاطر الفلسطينية».
هذا الجدل الداخلي تزامن مع تطورات دراماتيكية، بدأت تظهر على الأرض ميدانياً. فمن المقرر ان يصل عضو اللجنة المركزية لـ«منظمة التحرير الفلسطينية» والمشرف على ساحة لبنان عزام الأحمد الى بيروت الاربعاء المقبل بهدف استكمال مناقشة مشروع تنظيم السلاح واعلان تشكيل تنظيم «فتح» بالتوافق مع السلطة اللبنانية، فيما وصل، الى بيروت، أمس، وفد من حركة «حماس» بدأ يعقد سلسلة اجتماعات مع المسؤولين في الحكومة وفي الأجهزة الأمنية وخاصة في الأمن العام اللبناني، من أجل تذليل كل العقبات أمام المشروع.
في هذه الأثناء، كان المشرف على المقر العام لحركة «فتح» في لبنان منير المقدح يعلن عن تخريج دفعة ضباط مؤلفة من 150 شخصاً في مخيم عين الحلوة في 26 الشهر الحالي، وذلك في إطار «الجيش الشعبي» المرتبط بـ«كتائب شهداء الاقصى» وتحت شعار «الثورة مستمرة حتى كنس الاحتلال وعودة اللاجئين الى ديارهم»، وذلك لمناسبة الذكرى السابعة لرحيل الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.
وأكد المقدح ان «ما تمّ طرحه من قبل المسؤول الفلسطيني عزام الاحمد وقيادة «السلطة الفلسطينية» هو مجرد افكار ولم يصلوا بعد الى اعتماد اي طرح»، مشيراً الى ان الاحمد طلب اليه إعداد تصور عن الحل المنشود لعملية الدمج للشرطة. وأوضح انه زوّدهم برؤيته كمسؤول فلسطيني من داخل الجسم الفتحاوي «والتي تضمّنت كيفية إنشائها وعملها وعددها ومهامها ومدى نجاحها ومسألة مشاركة بقية الفصائل فيها وصولاً الى ضرورة التنسيق مع الجيش اللبناني» نافياً «التوصل الى قرار تأليف الشرطة أو دمج الوحدات في إطار «التنظيم» في مخيمات لبنان وفي عين الحلوة حتى تاريخه».
ويشير المقدح الى ان «جوهر المشكلة داخل الجسم الفتحاوي هو ماذا سنفعل بنحو 7000 عنصر وكادر وضابط وقيادة ضباط واركان، وجميعهم لهم حوافز وميزانيات ومخصصات ومن سيستوعبهم وكم تستوعب الشرطة منهم وفي اي مجال؟».
ويرى المقدح أن «هذا الطرح في لبنان غير واقعي ولا ينسجم مع تطلعات الشعب الفلسطيني اللاجئ في المخيمات الذي يعتبر سلاحه سلاح مقاومة ومرتبطاً بعودته الى دياره في فلسطين وليس سلاحاً للفتنة ولا للاقتتال الداخلي وسلاحاً ضد فكرة التوطين».
ويلفت المقدح الانتباه الى ان «هذه الفكرة ربما تصبح واقعية اذا كانت منسقة جدياً مع الجيش اللبناني وتشمل كافة الفصائل الفلسطينية المتواجدة فوق ارض المخيمات. والا هل بمقدور هذه الشرطة ان تأتي بمطلوب واحد مرتكب او متهم او مدان يطلبه الجيش اللبناني ومن ثم على اي أساس سيتعامل الجيش مع هذه الشرطة، خصوصاً ان هناك علامات استفهام من القوى في المخيم حول مرجعيتها السياسية والخضوع لأمرها من بقية الفصائل؟».
ورأى المقدح انه «من الممكن حل القوات والكفاح المسلح وإدماجها في الشرطة وقد يكون هذا الأمر طبيعياً، لكن الأهم ان لا يؤدي ذلك في المستقبل الى قرار بحل حركة «فتح»، معتبراً ان «المطلوب اليوم قبل كل شيء تعزيز المؤسسات الخدماتية والصحية والتربوية والمعيشية لشعبنا في المخيمات. ونحن طرحنا مشاريع كثيرة للحلّ وجميعها قيد النقاش ولم يصدر بشأنها أي قرار، لأنه برأينا اذا تمّ تشكيل مرجعية سياسية واحدة موحدة مقبولة من الجميع في المخيمات فإن السلاح الفردي والعشوائي الذي يستخدم في الداخل يفقد دوره ومبرره وفي حال عدم تشكيل تلك المرجعية فإن عملية الدمج المنشودة تصبح من دون قيمة».
ويشير المقدح الى «عدم ارتياحه لهذه الخطوة لا داخل المخيمات ولا خارجها وأنه قد تمّ تبليغ قيادة «فتح» و«السلطة الفلسطينية» ومن يعنيهم الأمر بأن هذا البرنامج لن يمشي الا بالتنسيق مع كل الاطراف».