كتب هيثم زعيتر - اللواء:
جمرٌ تحت الرماد، هو كشهر كانون الأول، حيث الشتاء والبرد القارس، والذي تلجأ فيه العائلات، التي تقطن في أرقى البيوت إلى التدفئة، فكيف إذا كان هذا المسكن، صيفه لهيب وشتاءه صقيعٌ بارد, وهو ما ينطبق على مخيم عين الحلوة؟..
لقد إكتوى أبناء المخيم بجمر الشتاء، وللأسف بأيدي «مرتزقة» و«مشبوهين» و«موتورين» من أبناء المخيم أو ممن سمح أن يكون ملاذاً آمناً لهم، وهم ينفذون أجنداتٍ خارجية، يدرون ذلك أو لا، فالنتيجة خدمة هذه المشاريع التي يتضرر منها أبناء المخيمات، وتطال شظاياها الجوار، وبتداعياتها ربما إلى أبعد من ذلك..
عناوين متعددة لمجموعاتٍ أو مصطلحاتٍ دأبوا على إستخدامها، حتى بات هناك من يتحدث عن جزرٍ ومربعات أمنية مغلقة داخل المخيم، لهذه القوة أو تلك، بل لهذا المسؤول أو ذاك، في منطقة جغرافية صغيرة جداً، لا يتجاوز طولها كيلو متراً واحداً وعرضها نصف ذلك، وفيها إكتظاظ سكانيّ يصل إلى حوالي 100 ألف نسمة، لا يعلم إلا الله سبحانه وتعالى حقيقة معاناتهم..
ويحكى عن «سيناريوهات» متعددة من خلال الإغتيال والقتلٍ والإستدراج، بكمائن أو إطلاق نار أو تفجير عبوة، وقد مر المخيم خلال الأيام الماضية بإختبار ذي حساسية عالية جداً، ولكن أُفشل المخطط، من خلال وعي من إستُهدف، ومن كان متوقع أن تكون ردة الفعل ضده..
المستهدف هو أمن المخيم بما يمثل والجوار، وأصبح واضحاً أنه يراد أن يكون صندوق بريدٍ لرسائل متعددة الأهداف والمغازي، حتى بات المسؤولون في المخيم مع كل حدثٍ أمني، سواء بإستهدف قوات الطوارئ الدولية «اليونيفل»، أو إطلاق صواريخ من المناطق الحدودية الجنوبية بإتجاه الأراضي الشمالية من فلسطين المحتلة، أو أي إنفجارٍ، يُسارعون إلى نفي ذلك، حتى قبل صدور مضبطة الإتهام السياسي أو الإعلامي، لأن «الشماعة» جاهزة، وهي المخيم، وإن كان البعض من المارقين أو الطارئين أو من غُرِّر بهم، يتركون ذريعةً لذلك.
جملة من الأسئلة تُطرح حول لماذا إستهداف المخيمات الفلسطينية، وخصوصاً مخيم عين الحلوة؟
هو المخيم الذي يُعتبر «عاصمة الشتات الفلسطيني» ويضم «موزاييك» سياسي، مختلفٍ عن باقي المخيمات، بل باقي أماكن التواجد الفلسطيني..
ويقع في مكان تتداخل فيه العديد من الملفات الفلسطينية – الفلسطينية، والفلسطينية - اللبنانية، وصولاً الى العربية والاقليمية والدولية..
وأليس هناك من نقاط التقاء بين المتضررين من استتباب الأمن في المخيم، وهم شبكات التجسس الإسرائيلية والمجموعات الإرهابية وتجار ومروجي المخدرات والحبوب المخدرة؟
ما أن وقع الحدث الأول، ثم الثاني، ثم الثالث في غضون أيام قليلة، حتى كان بعض «أصحاب الفتنة» ينقلونها من مكانٍ إلى آخر، لتحقيق مآربهم التي لا تخدم إلا العدوّ الإسرائيلي، المستفيد من أي فتنة أو توتير فلسطيني – فلسطيني، أو ضرب العلاقة الفلسطينية مع الجوار وفي المقدمة مع الجيش اللبناني.
في المقابل كان حرصٌ بضبط النفس وخصوصاً من قبل قائد «الكفاح المسلح الفلسطيني» العميد محمود عبد الحميد عيسى «اللينو» و«القوى الإسلامية» ممثلةً بمسؤول «الحركة الإسلامية المجاهدة» الشيخ جمال خطاب ومسؤول «عصبة الأنصار الإسلامية» الشيخ أبو طارق السعدي، وبدور فعّال قامت به «لجنة المتابعة الفلسطينية» في المخيم لوأد الفتنة، يواكبها إتصالات فلسطينية - فلسطينية وأخرى لبنانية بأن احذروا من الإنجرار إلى المخطط .
وهكذا أُفشل المخطط، وطوي أحد «السيناريوهات»، ولكن أليس هناك «سيناريوهات» أخرى معدة من «البنك المعلومات» لإستخدامها في الوقت المناسب للتوتير؟
دخول طرف ثالث
من خلال متابعة ميدانية مع المعنيين والمتابعين، تبين أن أول خيوط اكتشاف دخول طرف ثالث على خط توتير الأجواء في المخيم، بأن حركة «فتح» و«جند الشام» يتبادلان إطلاق النار أو الهجمات المتبادلة بين فترة وأخرى، علانية، وليسا بحاجة إلى إرتداء أقنعة، فمن هو هذا المقنع الذي كاد أن يفجر الوضع في المخيم وصولاً إلى جواره وتحديداً مع الجيش اللبناني؟
ما أن أطلق النار على أحد مرافقي قائد الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء صبحي أبو عرب، المدعو عدي عثمان بتاريخ 7 كانون الأول الجاري، وجه الإتهام إلى المشتبه به، أحد عناصر «جند الشام» أحمد نضال خليل، وطُلب من «عصبة الأنصار» توقيفه بطرفها من أجل إجراء التحقيق.
ولكن، ومن تجربة سابقة تحسس مسؤولو العصبة من أن هناك من سيروج أن العصبة تحمي مطلوباً أطلق النار، ولم تستجب إلى ذلك، إلا بعد تسلمها كتاباً من «لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية» في المخيم بتاريخ 11 كانون الأول تطلب منها وضعه تحت إجراءاتها رهن التحقيق الذي يتم بإشراف لجنة المتابعة.
وعلى الرغم من ذلك، ينقل «مروجو الفتنة» ببث ما كان يُخشى منه، بأن العصبة تحمي القتلة، في محاولة لدق إسفين في العلاقة مع حركة «فتح».
ولكن تبينت الحقيقة، التي أكتشفت أيضاً لاحقاً لدى الأجهزة الأمنية اللبنانية، التي كانت قد أبلغت من قبل بعض ذوي المصالح الشخصية، بأن العصبة تحمي قاتلاً!
وما أن هدات الأمور حتى سجل تطور آخر، ولكن من الجانب الأمني اللبناني، حيث وبعد ساعات من تسليم «لجنة المتابعة» كتاباً الى العصبة بشأن خليل، نقل في ذات اليوم (الأربعاء 11 كانون الأول) إلى «مستشفى صيدا الحكومي» الموقوف الجريح عمر محمود عبد القادر، الذي كان قد أصيب برصاص أطلقها بإتجاهه أحد مرافقي العميد «اللينو» أشرف القادري (بتاريخ 4 آب 2011) أثناء وضع عبوة لإغتيال العميد «اللينو»، حيث اوقف مع عمر أبو خروب وسُلما الى السلطات الأمنية اللبنانية.
نقل الجريح!
والتساؤل: لماذا نقل هذا الجريح عبد القادر لإجراء عملية جراحية في «مستشفى صيدا الحكومي» القريب من مخيم عين الحلوة، وألا يوجد هناك مستشفيات لإجراء عملية لأحد المنفذين الأمنيين الخطرين في «جند الشام»، وهل كان الهدف توتير الأجواء، أو ماذا سيكون واقع الحال لو أقدم زملاؤه في «جند الشام» على خطفه من المستشفى، أو إقتحم رفاق أشرف المستشفى بعد مقتله.
وكيف تقوم «مصلحة السجون» بنقل جريح موقوف بهذه الخطورة إلى هذا المكان الحساس، دون تنسيق مع الأجهزة الأمنية، حيث أدى الشعور بالخطورة إلى إعادة نقله سريعاً بعد نصف ساعة من وصوله الى المستشفى.
وتبين أن إغتيال أشرف القادري، وهو داخل محله في حي صفوري على مقربة من منزل العميد «اللينو» تم بعد عدة ساعات من وصول عبد القادر الى المستشفى، حيث اغتيل اشرف من قبل شخص يعرف مكان تواجده في الدكان جيداً، وذلك بإختياره زاروباً غير مغطى بكاميرات المراقبة، وتحدث إليه (وهو غير مقنع) قبل أن يستدير أشرف لمناولته غرضاً طلبه، فبادره إلى اطلاق رصاصة باتجاه رأسه من على مسافة قريبة، قبل أن يستدير اشرف، ويتابع مطلق النار طلقاته بإتجاه صدره فقتل على الفور، ولكن الحرص والوعي فوت الفرصة.
وبعد أيام تحديداً - الأحد 18 كانون الأول، قام شخص مقنع باطلاق النار من مسدس متطور جداً، بإتجاه أحد مرافقي العميد «اللينو» مازن سليمان (عامر فستق) في سوق الخضار في المخيم، فأرداه قتيلاً وحصل هرج ومرج وإطلاق نار.
وفيما كان البعض يدعو إلى التروي، لأن المقنع هو طرف ثالث، أطلقت النيران بكثافة، وأطلقت قذيفتا «آر.بي.جي.» بإتجاه «مسجد الصفصاف» (أحد أبرز المعاقل الرئيسية لـ «عصبة الأنصار الإسلامية»)، وكان مطلوباً أن يُرد على إطلاق النار، والذي قد يصيب الجيش اللبناني في جبل الحليب – سيروب، وهو ما كان مخططاً، ولكن تم تفويت الفرصة على المصطادين بالماء العكر.
وبعد أيام أعلن «الكفاح المسلح» عن توقيف عبد الرزاق الغزي، الذي اعترف عبر تسجيل بالصورة والصوت، أنه هو من أطلق النار على عامر فستق وقتله، وأنه أطلق بين 7-9 رصاصات من مسدسه، واعترف بمن زوده بالمسدس، ومن الذي كلفه القيام بالمهمة، حيث تم تسليمه إلى مخابرات الجيش اللبناني مع التسجيل، وقد بوشرت التحقيقات معه في مديرية المخابرات في اليرزة، لتبينان كامل الحقيقة.
«سيناريو» جديد
وتبدي مصادر فلسطينية قلقها من أن افشال أحد المخططات المعدة للمخيم، لا يعني نهاية المطاف لمن يُخطط للتوتير وضرب أمنه واستقراره، ولا يجد مرتعاً له في ظل التفاهم والتنسيق بين مختلف القوى الوطنية والإسلامية في المخيم، ومع الجيش اللبناني والجوار.
ولهذا، يتوقع أن تكون الخطوة المقبلة، بعد فشل الإقتتال بين الفصائل والقوى، أن يتم اللجوء الى اغتيال وجهاء وفاعليات من العشائر والبلدات والقرى الموجودة في المخيم لتوتير الأجواء، وهو ما يتطلب وعياً أوسع، والإسراع في تشكيل القوة الأمنية المشتركة بتعاون جميع الأطراف، على غرار «لجنة المتابعة»، التي ثبت أنها الإطفائي في الملمات، حيث يتنقل أعضاؤها تحت زخات الرصاص لحل الإشكالات.
ولا يستبعد أن يكون لعملاء «الموساد» الإسرائيلي دور في كل ما يجري، وأليس توقيف محمد إبراهيم عوض (نيسان 2010)، الذي اعترف بتجنيده من قبل «الموساد» الإسرائيلي، دليلاً، حيث إعترف بأنه كان ينقل بريداً ميتاً من قبل الإسرائيليين إلى داخل مخيم عين الحلوة، وكان يتسلمه أفراد خلايا لم يتم الكشف عنهم حتى الآن!
ماذا يقول مسؤولو عدد من أبرز القوى الفلسطينية في المخيم؟
الشيخ خطاب
* مسؤول «الحركة الإسلامية المجاهدة» الشيخ جمال خطاب، رأى «أن ما حصل مؤخراً في مخيم عين الحلوة، أعطى رسالة للجميع بأنه لا بد من التداعي للقاء والحوار والتشاور لدراسة الوضع عن كثب، لأنه تبين بأن الوضع في المخيم مستهدف، وبالتالي هناك أمور غير عادية تحصل داخله، كنا نتعامل معها بأسلوب خاطئ عن طريق ردات الفعل والتسرع في فهم الأمور، ولكن الآن هناك لقاء مع الجميع، وحوار ومراجعات وإن شاء الله نستفيد منها، وكيف نواجه هذا الواقع من دون تسرع أو قصور في فهمنا».
واستطرد بالقول: أن نقول أن إنتهى الأمر وحصنّا واقعنا، ولن تتكرر بعض الأحداث الأمنية من هنا أو هناك، هذا بصراحة غير ممكن على الأقل في الوقت الحالي، لكن أن نقول أن الوضع سيتطور ويصل الى حد الإنزلاق أو التصادم الشامل المدمر، فهذا أمر لا يُمكن أن يحصل، نحن نعيش في بيئة صعبة لها تعقيداتها، هناك إختراقات متعددة من أجهزة تستهدف القضية الفلسطينية، لذلك من الممكن أن تكون هناك ثغرات من هنا أو هناك، لكن الجميع متفق على لجم هذه الأحداث، والتهدئة والإمساك بزمام الأمور، وعدم ترك الوضع أن يتدهور إلى حد أن يحصل إقتتال داخلي أو حرب داخل المخيم، لأننا ندرك أن هذا الخرق سيكون مدمراً، وسيتشتت أهلنا ويتشردون، وطبعاً المخيم على حافة الهاوية، وأمامنا ماثل ما حصل في نهر البارد، لذلك الأصل أن نُحافظ على هذا المأوى، الذي يجمعنا كلنا، وهذا القارب الذي نركبه جميعاً.
وأوضح بالنسبة لإغتيال أشرف القادري «لا يوجد أي دليل، الأصل أن تكون هناك بينة قبل الإتهام، وقضية أشرف تمت في ظروف غامضة لمعطيات معقدة، لا بد من وضع الكثير من الإستفسارات والأسئلة عنها، والحادث الأخير الذي أدى الى إغتيال عامر فستق، أظهر إمكانية أن يكون هناك طرف ثالث قام بهذا العمل، وإذا أردنا أن نعود الى قضية أشرف وعامر، نقول إن الإختراق وارد، وإحتمال أن يقوم طرف ثالث بمثل هذه الأعمال، وخاصة أن ردات الفعل للإغتيال الأول ربما لم تحصل كما يريده بعض من يتربص بنا، فقاموا بعمل آخر في محاولة لذلك، وكما نعلم أن العدو الصهيوني له أيادٍ في مخيمنا، وفي أكثر من منطقة في لبنان، لذلك ليس مستبعداً أن يقوم بمثل هذا العمل».
ونفى «أن تكون «القوى الإسلامية» تغطي وتحمي «جند الشام»، وهذا غير صحيح، لأن هناك أكثر من حادث تمت إدانته ومعالجته من قبل «لجنة المتابعة» بدون تدخل، ونحن نطالب الجميع، سواء في «جند الشام» أو «فتح» أو في أي تنظيم آخر، محاسبة من يصدر منه هذا الأمر، وللأسف هناك نوع من عدم المحاسبة، وكل جهة تُحاول أن تحمي من يخل بالأمن، أو يتصرف تصرفات غير مسؤولة، لذلك نقول لقد آن الأوان للجميع أن يتحملوا مسؤولية هذا الوضع، وأن يقوم كل طرف بمحاسبة ولجم المخل بالأمن، ولسنا مسؤولين عن أي شخص يقوم بعمل، لكن لا يُمكن أن نكون شرطة، يعني إذا أخل شخص وقام بعمل ما، نحن لا نستطيع أن نكون شرطة ونقوم بإعتقاله، لأن هذا الإعتقال سوف يؤدي إلى إشكال أمني، وقد يؤدي الى فتنة عشائرية، وذلك مُشكلة نُعاني منها جميعاً، فمن الممكن أن يقوم شخص بعمل لا نستطيع أن نحاسبه».
وإعتبر «أن الحل هو بمسؤولية مشتركة من الجميع، أن الشخص الذي يخل لا لون ولا صبغة له، بل هو مخل بالأمن، وأي جهة تغطي الشخص الذي يقوم بهذا العمل، يجب أن يرفع عنه هذا الغطاء، وهذا يستدعي أن تكون هناك مسؤولية مشتركة من الجميع، وأن تكون هناك مراقبة ومحاسبة، ولكن للأسف هناك إشكالات كبيرة، وإنقسام فلسطيني كبير حول تشكيل قوة أمنية، ولذلك مطلوب قبل تشكيل هذه القوة، تشكيل مرجعية فلسطينية في لبنان، وهذا يحل جزءاً كبيراً من المشكلة الأمنية، عندما تكون هناك مرجعية أمنية للفلسطينيين في لبنان من الممكن أن نُشكل قوة أمنية تشبه الشرطة داخل المخيمات، وتكون مدعومة من الجميع، وعند ذلك يُمكن أن يتحقق الأمن بشكل أفضل».
وختم الشيخ خطاب: نحن أصحاب قضية، أمامنا فلسطين والأقصى، ولذلك يجب أن نتوحد جميعاً من أجل تحرير فلسطين والعودة، ويجب أن نرص الصفوف لتحقيق هذا الهدف، لا أن نقع في نزاع وصراع ونتقاتل حيث يستفيد من ذلك عدونا، ونكون نحن الخاسرين فيه، لذلك يجب أن نتوحد جميعاً في مواجهة العدو الصهيوني، في العمل لتحرير فلسطين وتوجيه السلاح بإتجاه هذا العدو فقط.
العميد «اللينو»
* قائد «الكفاح المسلح الفلسطيني» العميد محمود عيسى «اللينو»، شدد على «أن الوضع داخل مخيم عين الحلوة ممسوك، والأمن مستقر، وبدأنا بتطمين أبناء شعبنا أنه لن يكون هناك فلتان أمني».
وأشار إلى أنه «صحيح أن هناك أحداثاً وقعت وبعض القلق موجود، لكننا نطمئن أبناء شعبنا، ونحرص على أمنهم ونتواصل معهم، حتى يكون كل مواطن غفيراً، وذلك من أجل مواجهة كافة المخططات التي يسعى المشبوهون والمدسوسون للقيام، بها من عمليات تخريب وإرهاب أو إغتيال، وسنستمر حريصين على أمن وإستقرار المخيم والجوار».
وكشف أنه «لدى محاولة الإغتيال الأولى التي إستهدفت مرافق قائد الأمن الوطني اللواء صبحي أبو عرب، عديّ عثمان، كانت محاولة ملفتة، تبعها إغتيال أحد مرافقيّ أشرف القادري وتم ضبط النفس، وكانت تعليماتي واضحة للقوات العسكرية و«الكفاح المسلّح» بضبط النفس وعدم الإنجرار إلى معركة مع إخوتنا في «القوى الإسلامية»، وعندما فشل مخطط الأيدي المشبوهة، أُغتيل أحد مرافقيّ أيضاً مازن سليمان المعروف بإسم (عامر فستق)، وكان مطلوب من هذا الإغتيال أن لا نتحمل ذلك، أن تكون هناك ردة فعل كبيرة تطال شظاياها كل مخيم عين الحلوة والجوار، وهذا أمرٌ لن يحصل، لأننا نعرف أنه مطلوب جرّنا إلى فخّ بالإصطدام مع «القوى الإسلامية»، فقد طمأنا أبناء شعبنا بأنه لن يكون هناك إقتتالٌ فلسطيني - فلسطيني، وتحديداً إقتتالٌ ما بين حركة «فتح» و«القوى الإسلامية»، لأننا عرفنا من خلال الأسلوب الذي تم به إغتيال الأخوين أشرف وعامر، أنه هناك أسلوباً جديداً بالتعامل، وقد إستوقفنا ذلك بتمعن، حيث إستكملنا المعطيات لما كان متوفراً لدينا، ووعدنا أبناء شعبنا متابعة الموضوع حتى النهاية، وكشف المجرمين الذين يُحاولون تعكير أجواء وأمن وإستقرار مخيماتنا، وتحديداً مخيم عين الحلوة، فأخذنا الإجراءات اللازمة، وتوصلنا إلى تحديد الطابور الخامس، الذي كانت لدينا معلومات عنه، من خلال خيوط مسبقة، واستكملت هذه الخيوط بعد إغتيال الأخ عامر، فأصبح لدينا معلومات، وملف كامل عن منفذ الإغتيال، ولدينا أيضاً معطيات عن المجموعة التي كان من ضمنها ، فقمنا بتوقيف هذا الشخص عبد الرزاق الغزي الذي إعترف بإغتيال الأخ عامر، وسلمناه مع تسجيل بالصوت والصورة لإعترافاته إلى الأجهزة المختصة في الجيش اللبناني، حيث باشرت مخابرات الجيش التحقيق معه، ونحن نحترم ونثق بمديرية المخابرات والجيش اللبناني، وأي نتيجة تصدر عن هذا التحقيق نحترمها، وإذا ما طُلب أي شخص آخر لديه علاقة بعملية الإغتيال، طبعاً سيتم توقيفه وتسليمه فوراُ إلى الجيش اللبناني لمتابعة التحقيق».
وأكد قائد «الكفاح المسلح» «أن العلاقة في أحسن حالاتها مع «القوى الإسلامية»، فنحن على تواصل بشكل يومي ودائم، وننسق معاً، ونقاطع ونتبادل معلوماتنا سوياً من أجل مصلحة، وأمن وإستقرار مخيمنا، والعلاقة لا يشوبها أي شائبة.
وختم العميد «اللينو» بالتشديد على «أن مخيم عين الحلوة ما زال ضمن دائرة الخوف، فالجميع في قلق، وهذا القلق نحن مسؤولون عنه مع شركائنا في «القوى الإسلامية»، من أجل فك «اللغز» الموجود حول الوجوه الجديدة والمجموعات التي دخلت إلى مخيم عين الحلوة، وعملت على التخريب، ونعمل على تطويق هذا الأمر، مؤكدين على أن يسود مخيم عين الحلوة الأمن والإستقرار والسلامة العامة للجميع».
الشيخ أبو شريف
* الناطق الرسمي باسم «عصبة الأنصار الإسلامية» الشيخ أبو شريف عقل، أشار الى «أن كل مهتم بالشأن الفلسطيني بشكل عام، وبالمخيمات بشكل خاص، لا بد وأن يتبادر الى ذهنه ثلاثة أسئلة عند كل إنتكاسة أمنية، لماذا مخيم عين الحلوة؟ من المسؤول عن هكذا أعمال؟ وما الهدف من ذلك؟».
واستطرد بالقول: أما لماذا مخيم عين الحلوة، فلأنه يحمل من العناوين المهمة التي لا يحملها أي مخيم آخر، فهو:
- أكبر المخيمات، ويضم كل أطياف اللون السياسي الفلسطيني، ما يمنحه لقب «عاصمة الشتات الفلسطيني»، وهو العنوان للحقوق الفلسطينية، هو حجم المأساة والحرمان التي يعيشها اللاجىء الفلسطيني.
- هو الأكثر فعالية من بين المخيمات على نقل صورة حسنة للسلاح الفلسطيني، إن ضبطناه وأحسنّا التصرف به ووجهناه بالإتجاه الصحيح الوحيد، وهو إتجاه العدو الصهيوني، ونسيء إلى هذا السلاح عندما يستخدم في صراعات جانبية لا تخدم إلا العدو الصهيوني، ونكون بالنتيجة قد أسأنا إلى قضيتنا وإلى حقوقنا كافة، ولا نجد من يتعاطف معنا، وتتعالى الأصوات المطالبة بضرورة نزع السلاح الفلسطيني، وتضيع الحقوق وتضيع القضية.
أما من المسؤول عن هكذا أعمال، فبكل صراحة ووضوح وبحرقة شديدة نقول إن كل أطياف العمل السياسي الفلسطيني تتحمل مسؤولية، وإن كان على تفاوت:
- إن كانت هذه الأعمال بأيدٍ داخلية من مجتمعنا وبأوامر داخلية، فهذا يدل على سوء تربية وتوجيه وسوء إستخدام للسلاح، وسوء إستخدام للنفوذ، ومن شأن ذلك أن يبقينا قي دوامة لن نستطيع الخروج منها إلا أن يشاء الله.
- وإن كان ذلك بسبب إختراق من أجهزة أمنية معادية مثل «الموساد»، فهذا أيضاً يضع مسؤولية على عاتق الجميع، أن نحصن ساحتنا بالوحدة والإعتصام والتكاتف، وأن نتوجه جميعاً إلى قضيتنا الجامعة، وهي قضية فلسطين. وهنا لا يفوتنا أن نؤكد أن الدولة اللبنانية المهملة واللا مبالية للبؤس والحرمان، وعدم إعطاء الحقوق المدنية للشعب الفلسطيني، وتخفيف معاناته، تتحمل جزءاً لا بأس به مما يحصل داخل المخيمات.
وختم الشيخ «أبو شريف»: أما أهم الأهداف الآنية لهذه الأحداث، هو حصول إقتتال بين «القوى الإسلامية» التي توجه لها التهمة مباشرة وبين حركة «فتح»، وهما الأكثر قوة والأكثر تسليحاً، والإقتتال بينها سيؤدي إلى دمار وهلاك وما زالت تجربة نهر البارد ماثلة أمامنا، ومن هنا يهمنا أن نؤكد للذين يراهنون على إقتتال كهذا رهانهم خاسر، وأن آمالهم إلى سراب ومكر، نحن في «القوى الإسلامية» على تفاهم مع الجميع، سلاحنا لن يوجه ضد أحد، إلا العدو الصهيوني، وأمن الناس وأمانهم هو أمانة في أعناقنا، ونحن أهل للأمانة، وهذا الحرص الموجود لدينا نحن نلمسه من الجميع وبالأخص من أبناء «فتح».