قاسم س. قاسم - الأخبار
تعيش
بعض القوى الإسلامية في مخيم عين الحلوة حالة «نشوة»، بعد ما رأت أنه
تكبيل لليد الضاربة لـ«اللينو» في المخيم. وترى تلك القوى أن «حالة اللينو»
انتهت ويجب البدء بالبحث عن بديل. أما المقربون من القائد الفتحاوي،
فيؤكدون أنه لن يسكت عن ضيم، فبعد حفلة الجنون التي عاشها مخيم عين الحلوة
في الأيام القليلة الماضية.. عاد الهدوء مجدداً إلى أزقة المخيم . فتحت بعض
المحال التجارية في الشارع الفوقاني أبوابها،
بينما بقيت تلك الواقعة في منطقة سوق الخضار مغلقة خوفاً من تجدد
الاشتباكات بين ما يسمى «جند الشام» وعناصر حركة فتح. ليل أول من أمس أذاعت
مساجد المخيم بياناً أصدرته لجنة المتابعة دعت فيه السكان إلى إرسال
أبنائهم إلى المدارس ومعاودة مزاولة حياتهم بنحو طبيعي، وخصوصاً بعد سحب
المسلحين المتمركزين في الأزقة. ففي الفترة الماضية، عقدت اللجنة لقاءات
مكثفة لتهدئة الأوضاع، وخصوصاً أن الاتهامات التي أطلقها نائب قائد الكفاح
المسلح محمود عيسى الملقب بـ«اللينو»، بحق من قتلوا مرافقيه، طاولت أغلب
الفصائل الموجودة في المخيم.
المتهمون الرئيسيون، أي من يطلق عليهم «اللينو» تسمية «فلول جند الشام وفتح
الإسلام» يرون أن القائد الفتحاوي «يعيش حالة حصار حالياً، وخاصة أن الذين
جرت تصفيتهم من مرافقيه هم من أذرعه الضاربة». وفي ما يشبه تبني عمليات
الاغتيال التي وقعت أخيراً في المخيم، يقول أحد المقربين من «أمير فتح
الإسلام أسامة الشهابي» إن استهداف مرافقي اللينو كان «بسبب مشاركتهم في
إطلاق النار على عنصر جند الشام (أبو عبيدة) محمود غوطاني، الذي تدهورت
حالته الصحية». وبالتالي، أصبح احتمال وفاته أكبر، ما دفع «أصدقاءه في جند
الشام إلى الانتقام له، مستهدفين الشخصين اللذين أطلقا النار عليه». يضيف
الرجل أن الاتهامات التي وجهها اللينو إلى «جند الشام» أجبرتهم على «إعادة
تنظيم أنفسهم، فاجتمع العناصر المنحلون ضمن بوتقة جديدة».
لكن المصدر المنتمي إلى «فتح الإسلام» يستغرب الاتهامات الموجهة إلى «أسامة
الشهابي، أو عناصر من جند الشام باغتيال مرافقَي اللينو؛ إذ إن جند الشام
في السابق لم يخفوا وجوههم في الاغتيالات التي نفذوها».
يضيف الرجل أن نائب قائد الكفاح المسلح «أخل بالتوازنات، بمجرد دمجه الأذرع
العسكرية لفتح ضمن تشكيل واحد بهدف السيطرة على المخيم»، متوقعاً «نهاية
اللينو الذي يجب عليه الاستقالة من منصبه؛ إذ تبين أنه غير قادر على
السيطرة سياسياً أو أمنياً في المخيم».
يتابع قائلاً: «اللينو خائف حالياً على حياته، وأصبح لديه منافسون أقوياء
في فتح ينتظرون الفرصة المناسبة لينقضوا عليه، ولا يمكننا أن ننسى دماء
المسلمين الذين قتلهم اللينو، وخصوصاً أولئك الذين ينتمون إلى عشائر كبيرة
في المخيم».
ويعيد المقاتل الأصولي التأكيد أن القوى الإسلامية في المخيم لا تريد
التصعيد، ودليله على ذلك أن عصبة الأنصار لم تردّ على مصادر النيران
التابعة للينو، التي استهدفتها لنحو خمس ساعات متواصلة قبل أربعة أيام.
ويؤكد المصدر ذاته أن «عصبة الأنصار» لا تزال تضبط عناصر جند الشام وقد
فرضت عليهم «الإقامة الجبرية في منازلهم، منعاً لتدهور الوضع الأمني في
المخيم».
في المقابل، ينقل مقربون من «اللينو» عنه قوله إن الأشهر الماضية شهدت نشر
مواقع إلكترونية إسلامية صور قتلى الحركات الإسلامية من أبناء المخيم،
الذين قضوا في اشتباكات داخلية بين تلك القوى وحركة فتح، أو كانوا قد سقطوا
في العراق. أما أبرز ما نشرته تلك المواقع، فكان وضعها صورة لـ«اللينو»
نفسه، والمطالبة بـ«الاقتصاص منه» بسبب «سفكه دماء المسلمين». يضيف
المقربون من اللينو قائلين: «هذه الدعوة تزامنت مع عودة دفعة من أبناء عين
الحلوة الذين كانوا يقاتلون في العراق إلى المخيم». هذه المجموعة، بحسب
المصادر ذاتها، «انضمت إلى سرايا زياد الجراح ـــــ كتائب عبد الله عزام،
وينفذون عمليات الاغتيال بمساعدة مسؤول بارز في فتح».
من جهته، يقرأ مسؤول كبير في فتح أن ما يجري في المخيم يهدف إلى شطب اللينو
عن الساحة الفلسطينية في عين الحلوة. فبرأي المسؤول الفتحاوي، «حافظ
اللينو على أمن المخيم لفترة طويلة، وساعد في تسليم المطلوبين إلى الأجهزة
الأمنية اللبنانية، ما أضرّ بمصلحة من موّلهم وغذاهم، الذي كان يهدف إلى
استخدامهم لاحقاً». يشرح ابن فتح أن تحركات القاتل في المربع الأمني التابع
للحركة «تثير الريبة، ومن نفذ عملية الاغتيال في المربع الأمني هو إما
انتحاري، أو أنه مرتاح ومطمئن في تنقلاته في تلك المنطقة، ما يعني أنّ هناك
أشخاصاً داخل فتح سهّلوا له مهمته». من جهته يؤكد الرجل أن «المعلومات
التي قال اللينو إنه سيكشفها في الأيام المقبلة ستكون أسماء المتورطين من
داخل فتح في عمليات الاغتيال». من جهتهم، يؤكد عارفو «اللينو» أن الأخير
«لن يسكت عن ضيم». وفي فتح، ثمة من يطالب بضرورة «إنهاء حالة الإسلاميين في
المخيم، وهو قرار واجب على جميع الأطراف المشاركة في لجنة المتابعة،
بالإضافة إلى الجيش اللبناني، اتخاذه، وخصوصاً أن منطقة الطوارئ ليست ضمن
نطاق المخيم».
يشار إلى أن مسؤولي الساحة اللبنانية في الحركة عقدوا لقاءً في منزل اللينو
منذ يومين، وذلك لمنع تدهور الوضع الأمني في المخيم، وخصوصاً في ظل ما
نُقِل عن لسان اللينو من اتهامات لـ«حركة حماس بحماية مطلقي النار»، ما
استدعى تدخل مسؤول الملف اللبناني في حركة فتح عزام الأحمد للطلب من
«اللينو» وقف هذه التصريحات حفاظاً على المصالحة بين الحركتين. من بعدها،
خرج المجتمعون بقرار يقضي بمنع «تحويل عين الحلوة إلى نهر بارد ثان، ورفض
محاولات جر فتح إلى القيام برد فعل قد يكون قاسياً».
وخارج فتح، ألفت لجنة المتابعة، على جري عادتها، لجنة تحقيق لكشف ملابسات
عمليات الاغتيال التي جرت في المخيم. وقد أقر المجتمعون بأن «يرفع الغطاء
عن الأسماء التي يتبين ضلوعها بعملية الاغتيال، إلا أنه حتى الآن لم تظهر
التحقيقات أي شيء»، يقول أحد أعضاء تلك اللجنة.
من جهتها، أصدرت حركة «أنصار الله» أول من أمس بياناً رفضت فيه قطعاً ما
تداولته بعض وسائل الإعلام عن تورط أفراد منها بالاغتيالات، وهو ما نفته
أيضاً الفصائل الفاعلة في المخيم.